مقال: الأندية الفلسطينية في مخيمات لبنان تبدع في قهر “حصار كورونا”
بقلم: أ. خليل العلي، مدير المؤسسة الفلسطينية للشباب والرياضة في لبنان.
ما زال العالم كله يعيش في ظل جائحة كورونا التي شلت البلاد وقطعت الأوصال وعطلت المصالح في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، وإلى جانب تأثر كل مقومات الحياة بهذه الجائحة، حيث لا مصانع ولا مطارات ولا تنقلات ولا لقاءات ولا أعمال،كذلك كان للجانب الرياضي نصيباً كبيراً من تأثيراتها، فأغلقت الملاعب والساحات والصالات الرياضية وتوقفت الدوريات والبطولات المحلية والعالمية والتزم اللاعبون والإداريون والجمهور في بيوتهم تطبيقا وعملا بالتوصيات العالمية، وهنا في لبنان التزمت الأندية الرياضية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية بنصائح وتوصيات الحكومة ووزارة الصحة اللبنانية فأوقفت كافة الأنشطة الرياضية الفردية والجماعية وأغلقت الملاعب كأجراء وقائي للحد من انتشار الجائحة.
لكن الرياضي الفلسطيني وكعادته دائما يبدع في ادارة الأزمة وتجاوز الصعاب، حيث انخرطت الأندية الفلسطينية في بداية الأزمة مع شرائح المجتمع الفلسطينية الأخرى لتكون جزءً من المبادرات الإغاثية الصحية والانسانية فأطلقت مبادرات وبذلت جهود مهمة للمجتمع الفلسطيني في المخيمات، ومع استمرار الازمة لجأ الرياضيون الفلسطينيون والأندية في المخيمات لتقديم نموذجاً جديداً عبر منصات التواصل الاجتماعي للتعاطي مع الأزمة والتواصل مع الجماهير التي غلب عليها الملل والتعب من ملازمة البيوت، فأبدع البعض في رسائله وبرامجه وتنوعت البرامج من مسابقات رياضية وثقافية وفنية ومهارية وخصوصا في شهر رمضان المبارك.
ومن أبرز وأهم النشاطات التي نفذتها المؤسسة الفلسطينية للشباب والرياضة، والأندية والنشطاء في مخيمات لبنان:
– مسابقة بعنوان ” نجوم فلسطين في لبنان ” والتي لاقت مشاركات كبيرة من الجماهير الفلسطينية واللبنانية.
– كما أطلقت المؤسسة مبادرة “صفحتنا منبرك الإعلامي ” والتي تساهم في تشجيع وتعليم اللاعبين أصول كتابة المقال. – كذلك نشرت عشرات المقالات التي كتبها المحررون من أبناء المؤسسة والتي تهدف الى زيادة الثقافة الوطنية والعامة والوعي المجتمعي والرياضي الفلسطيني.
– برنامج “نصائح رياضية رمضانية ” والتي حملت رسائل ونصائح رياضية يومية خلال شهر رمضان، حيث يتلقى المتابع والجمهور نصائح عن الرياضة في الصيام بكل تفاصيلها.
– برنامج “رسالتي لكم في ظل كورونا ” والتي من خلالها وصل صوت النجوم الى الجماهير عبر رسالة يكتبها النجوم والشخصيات الرياضية الفاعلة في الوسط الفلسطيني.
– كما وكانت أندية المؤسسة في لبنان شريكاً في الحملة الرمضانية التي أطلقتها مجموعة مؤسسات شبابية بعنوان “رمضان من زادك نرتقي ” وفيها عدة برامج شملت كافة المخيمات الفلسطينية.
– مسابقة “دوري الأبطال عن بعد ” في مخيمات بيروت على صفحة نادي الأقصى برج البراجنة والتي يقدمها رئيس تجمع الإعلاميين الرياضيين الفلسطينيين في لبنان الأستاذ أيمن هواش وهي مسابقة عبر صفحات النادي غنية بالمعلومات الوطنية والرياضية والدينية وهي مسابقة شاملة فردية بحيث يتكون الفريق من شخص واحد ويتأهل كلما فاز حتى الوصول الى نهائي دوري الأبطال (مسابقة).
– وأعجبني ما شاهدته على صفحة نادي اليرموك في مخيم نهر البارد “برنامج دقيقة من وقتك” والذي استضاف مجموعة من الشخصيات الرياضية والنجوم، وكذلك ما اردفه النادي من برنامج جديد بعنوان ذاكرة النجوم حيث يقدم معلومات قيمة عن نجوم سابقين في مخيم البارد.
– وفي مخيم البداوي وعلى صفحة نادي الخليل تابعت جماهير الشمال “مسابقة فري ستايل ” والتي يتنافس فيها اللاعبون من خلال فيديو قصير بمهاراتهم الفنية الاستعراضية من داخل البيت، ولاقى هذا البرنامج مشاهدة كبيرة ومتميزة حيث الى جانب المسابقة تعرف المشاهدون والمتابعون على مهارات فردية عالية للاعبين.
ولعلي أشاهد يومياً عشرات الصفحات لرياضيين يقدمون على صفحاتهم فقرات مبدعة كالبث المباشر والدردشة الرياضية وذكريات من الماضي أو صوراً من المباريات أو لقاءات مع الأحبة في الملاعب، ولقد أفرحني أني شاهدت على صفحة نادي الأنصار عين الحلوة ضمن فقرة “صورة وتعليق” لاعبين لم أشاهدهم منذ عشرات السنين فعادت بنا الذاكرة الى زمن رياضي فلسطيني جميل في مخيمات لبنان.
فكرة ونقلة نوعية للأستاذ محمد لوباني بنكهة مخيماتية:
حيث وفي مخيم البداوي ومنطقة شمال لبنان أبدع الأستاذ محمد لوباني وهو إعلامي فلسطيني ناشط في برنامج غير مسبوق في المخيمات بعنوان “الحكم ” وهو برنامج مسجل يعرض في رمضان عبر المنصات الإلكترونية، وفيه تلتقي الأندية (لاعبان من كل فريق) عبر منافسة ثقافية رياضية في الأستديو المجهز بطريقة جميلة (في الملعب) يتأهل فيها الفريق الفائز ليلتقي بآخر، وفيه فقرات تعريفية توجيهية جميلة، فكان للبرنامج صدى واسع على مستوى المخيمات الفلسطينية والمدن اللبنانية.
وفي في مخيمات الشمال كذلك برنامج التشكيلة المثالية للمراكز والتمركز للاعبين داخل الملعب والذي شهد منافسة في التصويت عبر الصفحات والذي من خلاله تسمى التشكيلة المثالية وهكذا حتى يعرض في كل حلقة مركزاً جديداً وتشكيلة جديدة.
وفي صيدا وعلى صفحة نادي القدس الرياضي تم عرض برنامج تحدي المهارات الفردية بين اللاعبين والمدربين والجمهور حيث أبدع فيه اللاعبون وأعجب به المتابعون.
ويستمر الإبداع بروح فلسطينية وفكر فلسطيني وثاب، حيث إن هناك إبداع من شكل آخر وغير مسبوق قدمه الأستاذ البطل نزار طالب والاتحاد الفلسطيني للكيك بوكسنج عبر بطولة “فلسطين للشادو فايت” والتي أقيمت عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال فيديو مصور للمشارك بالقتال الوهمي، وشاركت فيها الأندية الفلسطينية من لبنان وغزة والضفة والخارج واحتلت هذه المسابقة مساحة واسعة من أوقات الرياضيين الذين تابعوا البطولة بكل تفاصيلها وحركاتها ونتائجها، حتى أن الاتحاد العربي للعبة نفذها بشكلها الفلسطيني وأعتبر أن نجاح البطولة العربية يعود للفكرة الفلسطينية أولاً .ويقول الأستاذ نزار أن بعض الاتحادات العالمية الآن تفكر بتنفيذ الفكرة الفلسطينية بعد نجاحها محليا ً وعربياً.
أبدع الفلسطينيون في مجالات كثيرة كتبها التاريخ وسطرت في صفحات الكتب والمجلات رغم التهجير والشتات وحياة اللجوء بظروفها القاسية والمعاناة المستمرة من أكثر من سبعين عاما، ولا بد أن يأتي اليوم الذي يعود فيه اللاجئ الفلسطيني الى أرضه ليحقق كل إبداعاته على أرضه وفي وطنه في القدس وحيفا وغزة والخليل والجليل ورام الله ويرسم هذه الابداعات على كل تراب فلسطين.
المصدر: موقع الرسالة نت، فلسطين (08 مايو 2020 . الساعة: 06:12 م)