نوفمبر 21, 2024

مقال: الأندية الرياضية الفلسطينية والمسؤولية الاجتماعية


بقلم : أ. خليل العلي، مدير المؤسسة الفلسطينية للشباب والرياضة في لبنان.

ما زالت الأندية الرياضية في شتى الدول العربية ترفع شعارها الشامل ” رياضي – ثقافي – اجتماعي ” كأساس لأهدافها العامة والخاصة ، وكانت الأندية تمثل مساحة كبيرة من العمل الاجتماعي والثقافي الى الجانب الرياضي، لكن هذا العمل رغم أنه كان عملاً متقناً إلا أنه لم يكن منظما ً بشكل دائم ، بل كان العمل الفردي فيه يطغى على العمل الجماعي والمؤسساتي ، الى أن تراجعت أخيراً في العمل الإجتماعي وطغى عليها الجانب الرياضي بامتياز .

قدمت الأندية الرياضية الفلسطينية نموذجا ً للعمل الاجتماعي في أنديتها في مراحل كثيرة أفرزتها الأزمات الأمنية والإجتماعية والإقتصادية ، خاصة في القدس و غزة والضفة ومخيمات الشتات ، لكن عملها كان بحاجة للكادرالتخصصي في المجال الإجتماعي والتنمية المالية .

ومما أثر سلباً على الأندية الفلسطينية أنها كانت في منافسة شديدة مع بعض المؤسسات الأجنبية الغير حكومية التي أخدت جانباً وحيزاً واسعاً من شرائح المجتمع الفلسطيني وقدمت لهم كل التحفيزات والإغراءات وهي تنفذ برامج إجتماعية وغيرها لخدمة أهدافها في الوسط الفلسطيني .

إن الاندماج في العمل الإجتماعي ليس مجرد دعم مادي فقط بل هو تسخير كافة الإمكانات المادية والعينية والمعنوية لدى أي مؤسسة عامة أو خاصة في خدمة المجتمع ، والأندية والجمعيات الرياضية وهي جزء من مؤسسات العمل الوطني شريك في هذه المسؤولية.

ولابد من إحياء وترسيخ مبادئ ومفهوم المسؤولية الاجتماعية من واجب ديني ووطني. والإسلام رسخ مفهوم التكافل الاجتماعي ، وحث على التعاون وبذل الخير والمعروف، والقاعدة في ذلك ما ذكره الله تبارك وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) وكما وقال عليه الصلاة والسلام {لا تحقرنّ من المعروف شيئاً}، وقول ﷺ} أحَبُّ النّاسِ إلى اللهِ أنفَعُهم للنّاسِ وأحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ سُرورٌ تُدخِلُه على مُسلِمٍ أو تكشِفُ عنه كُربةً أو تقضي عنه دَيْنًا أو تطرُدُ عنه جوعًا ولَأَنْ أمشيَ مع أخٍ لي في حاجةٍ أحَبُّ إليَّ مِن أنْ أعتكِفَ في هذا المسجِدِ يعني مسجِدَ المدينةِ شهرًا … ومَن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتّى أثبَتَها له أثبَتَ اللهُ عزَّ وجلَّ قدَمَه على الصِّراطِ يومَ تزِلُّ فيه الأقدامُ {.

والواجب الوطني يحتم على الكل أن يشارك بكل بما يستطيع فرداً كان أو مؤسسة أونادياً بما لديه من قدرات وإمكانات، وأن يسهم الجميع في تنمية المجتمع ونهضته وبناء الحاضر والمستقبل.

إن العمل الإجتماعي في الأندية والجمعيات الرياضية ينقسم الى قسمين :

العمل الاجتماعي الداخلي في الأندية و ذلك يتضمن :

التكافل الإجتماعي الرياضي : تقديم الرعاية المادية لأبناء النادي الحاليين والقدامى والمناصرين من منطلق كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .

التكافل الثقافي والعلمي : الاستفادة من المتخصصين من أبناء النادي وغيرهم لإقامة دورات تدريسية وتعليمية للناشئة والصغار وللمراحل الثانوية وكذلك الجامعية ، وإنشاء أكاديميات تعليمية وشرعية صيفية .

التكافل الأسري : من خلال الزيارات الدائمة وتفقدها ورعاية أسر المنتسبين بعناية .

التكافل الصحي : تقديم كل ما يلزم الفرد وأهله من رعاية في الشأن الصحي.

الدعم النفسي : تقديم الدعم النفسي والـتوجيه الأسري لضمان استقرار الفرد دون التعقيدات الحياتية .

العمل الاجتماعي الخارجي للأندية ويتضمن :

العمل التطوعي والمبادرات الإغاثية والصحية : العمل في فريق تطوعي يساعد في الإغاثة الإنسانية مع الجمعيات والمؤسسات التي تحتاج الى كادر بشري في أعمالها الإغاثية وكذلك مع الهيئات الصحية في ظل الأزمات الأمنية والصحية .

الخدمات المجتمعية البيئية : تشكيل فرق للمساعدة في النظافة العامة ونظافة المنطقة والمرافق المهمة كالمساجد والحدائق والمقابر وغيرها .

التوعية العامة : تشكيل فريق متخصص في التوعية العامة يساهم في رفع مستوى المنطقة في الثقافة العامة والوطنية وتنمية المجتمع من خلال برامج ومناهج هامة ومطلوبة ، أهمها توعية المجتمع من الآفات المدمرة التي يدخلها الغرب و الصهاينة وأعوانهم بين افراد مجتمعاتنا .

الخدمات الاحصائية : تشكيل فريق يساعد في الإحصاء وتقديم الاستبيانات وتنظيم وتحليل بيانات كاملة للأسر حسب وضعها الإجتماعي لتكوين قاعدة بيانات للعمل في المنطقة .

كيف نؤسس لمفهوم المسؤولية الاجتماعية في الأندية الرياضية:

على الأندية وضع استراتيجية وبرامج عمل ضمن المطالب الإجتماعية المهمة في النادي والمنطقة والمجتمع .

إعداد كوادر للعمل الاجتماعي يتم تأهيلهم لهذا الغرض حتى نساهم في نهضة النادي إجتماعياً أولاً ثم بالمجتمع الذي حولنا ثانياً .

التعاون بين الأندية في المنطقة الواحدة لتشكيل قاعدة عمل اجتماعية تكون المرجعية المشتركة للعمل الاجتماعي في الأندية الرياضية .

التواصل مع الجهات الحكومية والبلديات واللجان الشعبية والتنسيق معها من أجل التكامل والعمل المشترك .

عقد إتفاقيات مع المؤسسات والجمعيات الخيرية والأهلية لتبني المشاريع التي تخدم العمل الاجتماعي الرياضي .

إنشاء صندوق خاص للعمل الاجتماعي منفصل عن ميزانية النادي وتشكيل لجنة موارد مالية لضمان نجاح المبادرات والبرامج .

ومما لا شك فيه أن برامج العمل الاجتماعي تزيد من ترابط المجتمع وتحقق الاستفادة الإيجابية لخدمته وخدمة أبناء القضية في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية وتحسين الظروف الحياتية والمعيشية للأفراد والمساهمة في تلبية الاحتياجات الإنسانية.

إن العمل الإجتماعي هو مطلب هام تتلاقى الأمة فيه لخدمة أبنائها ومجتمعاتها بشتى الطرق المتاحة من أجل الوصول الى مجتمع لا تشوبه شائبة ويتخطى الأزمات بتعاون كل مكوناته وأطيافه ، وإن الأندية الرياضية هي أساس في العمل الاجتماعي لأنها تمتلك المقومات البشرية الناشطة وتمتلك مساحة كبيرة بين محبيها في المناطق المتنوعة ، ومن هذا المنطلق نرى أنه من المهم الوصول لهذه الجماهير المحبة للأندية واستثمارهم ببرامج تعنى بالمسؤولية الاجتماعية.

المصدر: (موقع الرسالة نت الاخباري، فلسطين)، 11-4-2020، الساعة: 10:45 ص